من أهمّ أسباب وُقوع السيول والفيضانات ما يَأتي:

الأمطار الغزيرة: هطول الأمطار الغزيرة في فترة زمنيّة قصيرة قد يُؤدّي إلى حدوث السيول والفيضانات؛ فقد يتجاوزُ منسوب المطر قُدرة أنظمة التّصريف على حمل المياه بعيداً عن القرى والمدن، وفي أحيان أُخرى يُمكن أن يُؤدّي هطول أمطار خفيفة أو متوسّطة بشكل مُتواصل لعدّة أيّام أو أسابيع إلى وُقوع نفس النّتيجة.

فيضان الأنهار: يحدثُ عند زيادة منسوب المياه بحيث تفيض نحو مناطق اليابسة على ضِفَّتَي النّهر. يحدث الفيضان عندما تتراكمُ المياه أكثر من المُعتاد في مجرى النّهر، وبما أنّ المياه تجري للأسفل -باتّجاه المَصبّ الذي يكون أكثر انخفاضاً- فإنّها تندفعُ على نحوٍ مُفاجئ بكميّة ضخمة، فيرتفع منسوب النّهر عن المِقدار الطبيعيّ ويحدث الفيضان.

انهيار الحواجز  والسّدود: السدّ هو كتلة إسمنتيّة أو ترابية شيّدها الإنسان لكي تكبح تدفُّق الماء من المناطق المرتفعة، وفي بعض الأحيان يكبح السدّ كميّات كبيرة من المياه، والتي تكون مُتدفّقة بسُرعة كبيرة جداً من المُرتفعات، بحيث تفوق قدرة السدّ الاستيعابيّة والتحمليّة، ممّا يُؤدّي إلى انهيار السدّ وحدوث فيضان في المناطق المُحيطة به. من المُمكن أن يتمّ التخلّص من المياه الزّائدة عن قدرة السدّ عن قصدٍ وتخطيطٍ لمنع انهياره، وهذا أيضاً قد يؤدي إلى حدوث فيضانات، ولكنَّها تكونُ أقلّ كارثيّة من فيضانات انهيار السدّ كاملاً.

أنواعُ الفيضانات الفيضانات الخاطفة (الطّوفان المُفاجئ): يحدث هذا النّوع من الفيضانات بشكل مُفاجِئ جداً؛ فهو يقع خلال ساعتين إلى ستّ ساعات، ومن المُمكن أن يأخذ دقائقَ مَعدودة فحسب. تحدث هذه الفيضانات عادةً بسبب الأمطار الغزيرة. الفيضان المُفاجئِ هو أكثر الأنواع ضرراً بالإنسان، وذلك لأنّه يَحدث دون سابق إنذار، فلا يُعطي فرصة للنّاس للاستعداد أو التّهيّؤ لمواجهته ولتخفيف أضراره، وتكون آثاره عادةً كارثيّة وسريعة ومُدمرّة.

الفيضانات البطيئة: يقعُ هذا النّوع من الفيضانات في بعض المناطق كلّ سنة تقريباً، إذ يتصاعدُ أثره بصُورة تدريجيّة، وقد يحتاج لأيام وأحياناً لأسابيع، ممّا يُعطي النّاس بعض الوقت للانتقال للمناطق الأكثر ارتفاعاً. وإذا حدثت خسائر بالأرواح أثناء هذا الفيضان فإنّها تكونُ بسبب الأمراض أو المجاعات، فهي لا تكون وفياتٍ مُباشرة.

الفيضانات السريعة: تحدث الفيضانات السّريعة في فترة زمنيّة قصيرة، لكنّها ليست بسُرعة الفيضانات الخاطفة، وبالتّالي فهي تُعطي النّاس فرصة للنّجاة بأنفسهم والفرار من منطقة الفيضان، لكن ليس أكثر من ذلك، إذ لا يتوافرَ الوقت لوضعِ خطّة وقائيّة للحد من آثار الفيضان. يمكن لهذه الفيضانات أن تكون أكثر تخريباً وتدميراً من النّاحية الماديّة، وقد تُشكِّل خطراً على الأرواح وعلى المُمتلكات، وهذا لنقص الوقت المُتاح لاتّخاذ الإجراءات الوقائيّة ولسُرعة تدفّق المياه، إلا أنَّها ليست خطرة بقدر الفيضانات الخاطفة. تستمرُّ هذه الفيضانات ليوم أو يومين.

المناطق المجاورة لضفاف الأنهار هي المناطق الأكثر عُرضْة للفيضانات بشكلٍ عام فإنّ السّلوك الطبيعيّ للمياه هو أنّها تنتقلُ من الأرض المُرتفعة إلى السّهول أو الأودية المُنحدرات الأكثر انخفاضاً، وهذا يعني أنّ المناطق المُنخفضة المُحاطة بالمرتفعات تكونُ دائماً مُعرّضة للفيضانات بدرجةٍ أو بأُخرى. إضافة إلى ذلك، فإنّ تساقط الأمطار بصُورة كثيفة على أيّ بُقعة من اليابسة يجعلها مُعرّضة للفيضانات، ففي أيّ وقت تزدادُ فيه كميات الأمطار عن ما تستطيعُ التّربة امتصاصه، فإنّ احتماليّة وقوع الفيضان سيُصبح واردة.

ولزيادة المُشكلة سوءاً فإنّ الكثير من المُدُن تكون أحياؤها مبنيّةً بطريقةٍ عشوائيّةٍ، إذ من المُمكن أن تقبع البنايات على مجاري تصريف المياه فتسدَّ طريقها، كما قد يكونُ نظام الصّرف الصحيّ في بعض المناطق سيئاً جداً ومُختنقاً من كثرة المياه التي يتلّقاها فوقَ طاقته، وعندها وفي حال تساقط الأمطار فإنّ المياه سوف تجد المياه طريقاً آخر بديلاً لها إذا كان الطّريق أمامها مسدوداً، ممّا يُؤدّي إلى حدوث فيضان في مناطق لا يمكن توقعها أو الاحترازُ من وُصول الماء إليها.

الآثار التي تُسبّبها الفيضانات:  قد تكون الآثار النّاجمة عن الفيضانات خطرةً جدّاً؛ فمثلاً يكفي أن يبلغَ ارتفاع المياه سريعة الجريان 15 سنتيمتراً لتكون قادرةً على إيقاع الإنسان البالغ أرضاً. وقد تُحدث مياه الفيضان أضراراً جسيمةً في وسائل النّقل العام والخاصّ، وذلك من خلال قطع الطّرق وخطوط السكك الحديدية، كما أنّها تُسبّب ضرراً في وسائل الاتّصالات، كأن تُتلف خطوط الهاتف أو أعمدة الكهرباء على سبيل المثال .

تُعطّل الفيضانات شبكات الصّرف الصحيّ الاعتيادية في المدن، وتَسرُّبُ مياه الصّرف الصحيّ أثناء الفيضان هو أمرٌ شائع، وقد يُؤدّي ذلك إلى أضرارٍ صحيّة شديدة بسبب انتشار المياه المُلوّثة والمليئة بالجراثيم في أنحاء المدن، ومن ثمَّ تتفشَّى الأمراضُ والحساسيّة بين السُكّان، فضلاً عن تسبُّبها بتلف المواد حتّى بعد فترة طويلة من وقوع الفيضان.

تتسبَّبُ الفيضانات في توزيع كميّات كبيرة من المياه والرّواسب العالقة فيها على مساحات شاسعة، ممّا يُؤدّي إلى تغيُّر تكوين العناصر الغذائيّة القيِّمة في تربة الأراضي الزراعيّة، وفي المقابل، يمكن أن تتآكل التّربة بنسبةٍ ضخمة لأنَّ مياه الفيضان السّريعة سوف تحمُلها معها، وكذلك تتدمَّرُ المحاصيل والأراضي والمباني الزراعيّة، بالإضافة إلى غرق الحيوانات من مواشٍ ودواجن. وبالتّالي لا يقتصرُ أثر الفيضانات الشديدة على خراب المنازل والأبنية والمُمتلكات الشخصيّة، ولكن على الأراضي الطبيعيّة أيضاً؛ فالبيئة والحياة البريّة هي عرضة للخطر كذلك، حيثُ تتسبَّب الفيضانات في إطلاق المواد السامّة المُخزّنة في مُنشآت الإنسان، مثل الدّهانات والمُبيدات الحشريّة والبنزين وما سواها، ممّا يُضرّ بالطّبيعة كثيراً. والفيضاناتُ لا تُؤدّي فقط إلى عرقلة حياة الكثير من النّاس، ولكن في كثير من الأحيان تخلق المآسي والوفيات وخسائر المُمتلكات.

طرق منع حدوث الفيضانات: لا يستطيع الإنسان أن يوقف الأمطار من السّقوط، أو أن يمنع المياه من أن تطفح على ضفاف الأنهار، فهذه ظواهر طبيعيّة، ولكن تُوجد العديد من الإجراءات التي يُمكن اتّخاذها لتخفيف آثار هذه الظّواهر:

جدران الحماية: تبنى جدران الحماية والبوّابات على ضفاف الأنهار لكي تصدّ الأمواج وارتفاع منسوب المياه عن أن تفيض إلى القرى والمدن المجاورة للضفاف، وبالتّالي تمنع ارتفاع المياه في الشّواطئ عندما تفيضُ عن منسوبها العادي. وفي مناطق أُخرى تُستخدَمُ أكياس الرّمل بعد تجميعها ورصِّها في مناطقَ استراتيجيّةٍ لمنع حدوث الفيضانات.

تجميع المياه: في بعض المناطق يتمّ تشييد جدران استناديّة، أو بُحيرات صناعيّة، أو سدود، أو خزّانات مائيّة، أو أحواض، وذلك لتجميع مياه الأمطار وتجنُّب تراكُمها بكميّة كافية لتدفُّقها على سطح الأرض.

التّخطيط العمرانيّ: من المُهمّ أن تحصلَ شركات البناء على تصاريحَ قبل تشييد الأبنية الجديدة، وذلك لضمان أنّ ممرّات التّصريف المائيّة لن تُسَدّ بسبب أبنيتهم. أيضاً، يجبُ أن تُغطَّى شبكات الصّرف الصحيّ في المدن وتبقى خالية من أيّ عوائق قد تسدّها أو تُعيق عملها. وبهذه الطّريقة يمكن للماء الجريان بسرعة من خلالها عندَ هُطول المطر، فتتقلَّصُ فرص حدوث فيضاناتٍ في المدن.

الحياة النباتيّة: الأشجار والشُّجيرات والحشائش تُساعد على حماية الأرض من التّعرية عندما يتدفَّقُ الماء فوقها بسُرعة، فهي تمنع الأتربة من الانجراف معه، ولذا يجبُ تشجيع سُكَّان المناطق المُنخفضة على زرع الكثير من الأشجار والنباتات للمُساعدة في كسر قوّة تحريك مياه الفيضانات والحفاظ على سلامة التّربة.

التّوعية: تنسدُّ شبكات الصّرف الصحيّ في العديد من البلدان بسبب إلقاء القمامة فيها؛ وذلك لأنَّ النّاس قليلو المعرفة بالآثار النّاتجة عن سُلوكيَّاتهم هذه عند هُطول الأمطار. وعندما تُمطر السّماءُ تكون الممرّات المائيّة والقنوات مَسدودةً بقطعٍ ضخمةٍ من القمامة والأنقاض، فتمتلئُ بسرعة، ويجدُ الماء طريقه إلى الشّوارع وبيوت النّاس. ولذا فإنَّ التّوعية مُهمّة جداً، ولا بُدَّ للإعلام من تحذير النّاس من مخاطر الفيضانات وما يُمكن القيام به للحدّ من تأثيرها.

أحواض تجميع المياه: هي خزّانات صغيرة مَبنيّة ومُرتبطة بالمجاري المائيّة، وهي تُوفّر مواقع تخزين مَؤقّتة لمياه السّيول، وهذا يعني أنَّه عند وقوع الفيضانات سوف يتجمَّعُ الماء في الأحواض لفترةٍ من الزّمن، ممَّا يمنحُ السُكّان المزيد من الوقت لإخلاء منازلهم وأغراضهم.